top of page
  • Writer's pictureKasr Alainy

غاية ووسيلة



حياتنا ورغم تقسيمها إلى فترات، فما هي إلا رحلة كبيرة بها الكثير من المحطات المختلفة، نسير بها باحثين عن آخر محطة خائفين ألا تكون ما كنا نتمناه. نواجه المصاعب ونضل الطريق لوهلة حتى نجد ما يرشدنا إليه مرة أخرى، ونقابل أناسا تتعامد رحلاتنا معهم، فبعضهم يؤانسنا في ظلمة الطريق والبعض يرحل، وهكذا تسير بنا الرحلة..

على اختلاف طرقنا وسبل تفكيرنا إلا أن لكل منا وجهة نود الوصول إليها، فنستعين ببعض خيارات الحياة من حولنا حتى نرسم الدرب الذي نسير فيه، وقد نقف أحيانا لنعدل من رحلتنا، فنزيل أمتعة ونضيف أخرى. وبين كل محطة ومحطة قد نتوقف قليلا لنتأكد يا ترى هل مازلنا على نفس الطريق، وعلى مسافات أكبر نقف لنتيقن هل هدفنا باق كما هو دون أن يتغير.

لكن من المضل في حياتنا عدم قدرتنا على تحديد الغاية من الوسيلة، ورغم بساطة المثال وسهولة الكلام، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع قد يشوبه بعض الصراعات التي قد تودي بصاحبها. ذلك حينما ننظر فتتشبث أعيننا برفاهيات وشهوات حولنا فنتعلق بها أكثر من اللازم حتى نضعها فوق أهدافنا الحقيقية، وفجأة نجد أنفسنا وحدنا وسط محيط كاحل الظلام. في تلك الآونة قد نرفع راية الاستسلام، ونكرس وقتنا وجهدنا نحاول الهرب من تلك الوحدة... وننسى غايتنا ونضل طريقنا بحثا عمن يملؤون لنا كوبنا وساعات يومنا خوفا من تلك الوحدة القاتمة، ثم نغرق أكثر فأكثر. فالحقيقة هي أن كوبنا ذاك لن يمتلأ الا بعرق جبيننا وبأيدينا، ووحدتك تلك لن تزول بأشباه أصدقاء يلتهمون كل ما تملك ويستنزفون قوتك.. فرفقاء الدرب يا عزيزي لا نجدهم عندما نترك طريقنا بحثا عنهم، وهذا لا يقلل من قيمتهم، فالصديق من نجده وقت الضيق، من يساعدك في ملئ ذاك الكوب بنفسك ويشجعك، من يمد فؤادك بالحب والأمان...فإذا تركنا طريقنا وجدناه يرشدنا إليه مرة أخرى. لن نشعر بقيمة تلك الأشياء ولا بأي شيء إذا جهلنا قيمة أنفسنا وأهدافنا، حتى ولو غابت عننا بعض الوسائل، فكل شيء في حياتنا بقدر يا عزيزي.

على النقيض هذا الذي لا يضع هدفا لمسيرته، ولا يدرك أي غاية تلك التي يتحدثون عنها، فهو كالرحالة يسير و يمر بمحطات دون أن يدرك متى وقت الجد و متى وقت الراحة، و لا يعلم كيف يتيح لنفسه فرصة الانتصار، فالحياة بالنسبة له مشقة و تعب، و كل مرة يحقق فيها إنجازا يظن أنه لم يحصل على شيء بعد، فيثبط ذلك من عزيمته شيئا فشيئا.

علينا أن نتعامل مع الغاية كنهاية رحلة وصلنا اليها، ونعطي أنفسنا القدر الذي نحتاجه من سلام عقب كل انتصار وأن نتعامل مع الوسيلة كمجرد أدوات قد نملك بعضها ويغيب البعض الآخر دون أن يجعلنا نتوقف عن المسير. إن كنت تواجه صعوبات في تحديد هدف بعيد المدى، فقم بتصغير دائرة أفقك حتى تتماشى مع واجباتك اليومية من عمل، وعندما تحسن التقدير في تلك الأهداف الصغيرة ستكون قادرا على أن ترفع عينيك من بين قدميك وتمدها في الآفاق محددا هدفا بعيد المدى.

حينها ستحسن التعامل مع الغاية والوسيلة.


الكاتب: عمر عبد الهادي حجازي

المدققة اللغوية ورئيسة التحرير: ريم أمجد

مصممة الجرافيك: مآب آدم

18 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page